نحب ما نعمل

الأربعاء، 9 أكتوبر 2013



باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السابع من أبريل سنة 2013 ، الموافق السادس و العشرين من جماد الأولى سنة 1434 هـ .

برئاسة السيد المستشار/ ماهر البحيري ......................... رئيس المحكمــــة

و عضوية السادة المستشارين : عبد  الوهاب عبد الرزاق و محمد عبد العزيز الشناوي و ماهر سامي يوسف و محمد خيري طه و سعيد مرعي عمرو و الدكتور عادل عمر شريف .                               نواب رئيس المحكمـــــة

و حضور السيد المستشارالدكتور/ حمدان حسن فهمي . رئيس هيئة المفوضين

و حضور السيد / محمد ناجي عبد السميع .                              أمين السر


أصدرت الحكم الآتي

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 162 لسنة 13 قضائية " دستورية " ، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا دائرة توحيد المبادئ ملف الطعن رقم 14678 لسنة 52 قضائية عليا .

المقامة من
السيد/ عبد الله بن ثنيان الثنيان .

ضــــــد
1-   السيد/ وزير المالية .
2-   رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات .
3-   رئيس مصلحة الجمارك .

الإجراءات

بتاريخ 28 يوليو سنة 2009 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الطعن رقم 14678 لسنة 52 قضائية عليا ، بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا دائرة توحيد المبادئ بجلسة 11/4/2009 بوقف الطعن و إحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية نص الفقرتين الأخيرتين من المادتين ( 17 ، 35 ) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 .

و قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
و بعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
و نُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، و قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، و المداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من حكم الإحالة و سائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة العربية للثروة الحيوانية كانت قد أقامت بتاريخ 2/4/2002 الدعوى رقم 9884 لسنة 56 قضائية ، أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير المالية و آخرين بطلب الحكم بإلغاء قرار مصلحة الضرائب على المبيعات برفض إعفاء الخامات و المعدات و الأدوات و الآلات التي تستوردها الشركة ، و اللازمة لتحقيق أغراضها من الضريبة العامة على المبيعات ، و القضاء بأحقيتها في الإعفاء من هذه الضريبة على سند من أن الاتفاقية الدولية المؤسسة للشركة و الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 412 لسنة 1975 و ملحقاتها و عقد تأسيسها تقضي بإعمال هذا الإعفاء ، إلا أن مصلحة الضرائب على المبيعات رفضت إعفاء الرسائل التي تستوردها الشركة من هذه الضريبة ، مما حدا بها إلى إقامة الدعوى المشار إليها . و بجلسة 28 /2/2006 قضت المحكمة برفض الدعوى ، تأسيساً على أن الاتفاقية الدولية السالفة الذكر لم تنص إلا على الإعفاء من الرسوم الجمركية و ما في حكمها ، و خلت من نص صريح على الإعفاء من تلك الضريبة ، على نحو ما أوجبته المادة 30 من قانون الضريبة العامة على المبيعات ، كما لم تشر الشركة إلى أن جميع السلع المستوردة رأسمالية . و قد طعنت الشركة على هذا الحكم بالطعن رقم 14678 لسنة 52 قضائية عليا ، و نظر الطعن أمام الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا ، التي قضت بجلسة 15/3/2008 بإحالته إلى دائرة توحيد المبادئ للفصل فيما إذا كان نشاط الشركة في مجال الثروة الحيوانية يخضع للضريبة العامة على المبيعات من عدمه ، و بجلسة 11/4/2009  قضت المحكمة بوقف الطعن و إحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرتين الأخيرتين من المادتين ( 17 ، 35 ) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلهما بالقانون رقم 9 لسنة 2005 و ذلك لما ارتأته من أن هذين النصين قد منحا الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات للمحكمة الابتدائية بالرغم من طبيعتها الإدارية البحتة ، و دون مبرر تقتضيه الضرورة أو المصلحة العامة ، بالمخالفة لنص المادة (172) من دستور 1971 ، و البندين السادس و الرابع عشر من المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة .

و حيث إن المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 قد نصت في فقرتها الأخيرة على أن " ......... و للمسجل الطعن في تقدير المصلحة أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صيرورته نهائياً ".
و تنص المادة (35) من القانون ذاته بعد تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 في فقرتها السادسة على أنه " .... و في جميع الأحوال يحق لصاحب الشأن الطعن على القرار الصادر من لجنة التظلمات أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإصدار ".

و حيث إن المصلحة – و هي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو شق منها في الدعوى الموضوعية . و كان حقيقة ما قصدت إليه محكمة الموضوع هو الفصل في مدى دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) و نص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11لسنة 1991 بعد تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، و التي عقدت الاختصاص للمحكمة الابتدائية للفصل في المنازعات التي عددتها ، متى كان ذلك ، و كان الفصل في اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام ، بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة في نظرها و الفصل فيها ، و من أجل ذلك كان التصدي له سابق بالضرورة على البحث في موضوعها ، و كان المسألة المثارة أمام محكمة الموضوع إنما تتصل بتحديد المحكمة المختصة بالفصل في النزاع الموضوعي الذي يدور حول مدى خضوع الخامات و المعدات و الخامات و الآلات التي تستوردها الشركة العربية للثروة الحيوانية للضريبة العامة على المبيعات ، و إذ كان النصان المشار إليهما يتضمنان التنظيم القانوني الحاكم لتلك المسألة و يسريان على الدعوى الموضوعية المقامة في 2/4/2002 قبل العمل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، و ذلك إعمالاً لنص المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية و التجارية التي تنص على " تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من إجراءات قبل تاريخ العمل بها ، و يستثنى من ذلك : 1- القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى "، و من ثم فإن المصلحة في الطعن على هذين النصين تكون متحققة بحسبان القضاء في دستوريتهما سيكون له أثره و انعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية و الطلبات المطروحة بها ، و ولاية محكمة الموضوع في الفصل فيها .

و حيث إنه بالنسبة لما ينعاه حكم الإحالة على النصين المطعون فيهما من مخالفة البندين السادس و الرابع عشر من المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، فهو مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن مناط اختصاصها بالفصل في دستورية القوانين و اللوائح هو مخالفة التشريع المطعون فيه لنص في الدستور ، و لا تمتد رقابتها تبعاً لذلك – لحالات التعارض بين القوانين و اللوائح و بين التشريعات ذات المرتبة الواحدة ، و من ثم فإن النعي المتقدم لا يعدو أن يكون نعياً بمخالفة قانون لقانون آخر ، و لا يشكل مخالفة لأحكام الدستور ، و يخرج النظر فيه عن الاختصاص المحدد للمحكمة الدستورية العليا .

و حيث إنه من المقرر أن الرقابة على دستورية القوانين و اللوائح من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي قررها الدستور ، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره ، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً صون الدستور المعمول به و حمايته من الخروج على أحكامه ، و أن نصوص هذا الدستور تمثل دائماً القواعد و الأصول التي يقوم عليها نظام الحكم ، و لها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام ، التي يتعين التزامها و مراعاتها و إهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة ، و على ذلك فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النصين المطعون فيهما من خلال أحكام الدستور الحالي الصادر بتاريخ 25 /12/2012 باعتباره الوثيقة الدستورية الحاكمة للنزاع المعروض .

 و حيث إن المشرع الدستوري ، بدءاً من دستور سنة 1971 قد حرص على دعم مجلس الدولة ، الذي أصبح منذ استحداثه نص المادة (172) منه جهة قضاء قائمة بذاتها ، محصنة ضد أي عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستورياً عن طريق المشرع العادي ، و هو ما أكده الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011 الذي أورد ذات الحكم في المادة (48) منه ، و المادة (174) من الدستور الحالي الصادر بتاريخ 25/12/2012 التي تنص على أن " مجلس الدولة جهة قضاء مستقلة ، يختص دون غيرها من جهات القضاء بالفصل في كافة المنازعات الإدارية ..." ،  و لم يقف دعم المشرع الدستوري لمجلس الدولة عند هذا الحد ، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التي كانت تقف حائلا بينه  و بين ممارسته لاختصاصاته ، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971 نصاً يقضي بأن التقاضي حق مكفول للناس كافة ، و أن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ، و تكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين و سرعة الفصل في القضايا ، و يحظر النص على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء ، و قد صار الدستور الحالي على ذات النهج فردد في المادة (75) الأحكام ذاتها ، كما حظر فيها بنص صريح إنشاء المحاكم الاستثنائية و بذلك سقطت جميع النصوص القانونية التي كانت تحظر الطعن في القرارات الإدارية ، و أزيلت جميع العوائق التي كانت تحول دون المواطنين و الالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية ، و إذ كان المشرع الدستوري بنصه على أن " لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي " قد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم و قائماً على مصالحهم الذاتية ، و أن الناس جميعاً لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي ، و لا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية ، و لا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها ، إذ ينبغي دائماً أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها ، و كان مجلس الدولة قد غدا في ضوء الأحكام المتقدمة قاضي القانون العام و صاحب الولاية العامة دون غيرها من جهات القضاء بالفصل في كافة المنازعات الإدارية إلا ما يتعلق منها بشئون أعضاء الجهات القضائية المستقلة الأخرى التي ينعقد الاختصاص بنظرها و الفصل فيها لتلك الجهات سواء ورد النص على ذلك صراحة في الدستور أو تركها للقانون ، كذلك يخرج عن نطاق الولاية العامة لمجلس الدولة الفصل في كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الصادرة في شأن ضباط و أفراد القوات المسلحة ، و ينعقد الاختصاص به للجان القضائية الخاصة بهم طبقاً لنص المادة 196 من الدستور الحالي .

و حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الضريبة العامة أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً بما لها من ولاية على إقليمها لتنمية مواردها ، باعتبار أن حصيلتها تعد إيراداً عاماً يؤول إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التي يتم تدبيرها لتشكل جميعها نهراً واحداً لإيراداتها الكلية ، و أن نص القانون هو الذي ينظم رباطها محيطاً بها ، مبيناً حدود العلاقة بين الملتزم بها من ناحية و بين الدولة التي تفرضها من ناحية أخرى ، سواء في مجال تحديد الأشخاص الخاضعين لها ، أو الأموال التي تسري عليها ، و شروط سريانها و سعر الضريبة ، و كيفية تحديد وعائها و قواعد تحصيلها ، و أحوال الإعفاء منها ، و الجزاء على مخالفة أحكامها .

و كان قانون الضريبة إذ يصدر على هذا النحو فإنه ينظم رباطها تنظيماً شاملاً يدخل في مجال القانون العام ، و يبرز ما للخزانة العامة من حقوق قبل الممول و امتيازاتها عند مباشرتها ، و بوجه خاص في مجال توكيده حق الإدارة المالية في المباداة بتنفيذ دين الضريبة على الممول ، و تأثيم محاولة التخلص منه . و إذا كان حق الخزانة العامة في جباية الضريبة يقابله حق الممول في فرضها و تحصيلها على أسس عادلة ، إلا أن المحقق أن الالتزام بالضريبة ليس التزاماً تعاقدياً إنشائياً عن التعبير المتبادل عن إرادتين متطابقتين ، بل مرد هذا الالتزام إلى نص القانون وحده ، فهو مصدره المباشر ، و إذ تتدخل الدولة لتقرير الضريبة و تحصيلها ، فليس باعتبارها طرفاً في رابطة تعاقدية أياً كان مضمونها ، و لكنها تفرض – في إطار من قواعد القانون العام – الأسس الكاملة لعلاقة قانونية ضريبية لا يجوز التبديل أو التعديل فيها أو الاتفاق على خلافها .

و حيث إن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب و الرسوم ، بدءاً من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة ، الذي أسند بنص البند سابعاً من المادة (8) منه لمجلس الدولة كهيئة قضاء إداري الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات ، و أوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة ، و قد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة على النهج ذاته فنص في البند سابعاً من مادته رقم (8) على الحكم ذاته ، و أكدت هذا الاختصاص المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، التي عقدت في البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب و الرسوم وفقاً للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة .

و حيث إنه متى كان ذلك ، و كان المرجع في تحديد بنيان الضريبة العامة على المبيعات و عناصرها و مقوماتها و أوضاعها و أحكامها المختلفة ، بما في ذلك السلع و الخدمات الخاضعة للضريبة ، و المكلفين بها و الملتزمين بعبئها و قيمة الضريبة المستحقة و مدى الخضوع لها و الإعفاء منها إلى قانون هذه الضريبة ، و إلى القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة تنفيذاً لأحكامه ، فإن المنازعة في هذا القرار تعد منازعة إدارية بحسب طبيعتها ، تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقاً لنص المادة (174) من الدستور الحالي الصادر في 25/12/2012 ، و إذ أسند النصان المطعون فيهما الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات إلى المحكمة الابتدائية التابعة لجهة القضاء العادي ، فإن مسلك المشرع على هذا النحو يكون مصادماً لأحكام الدستور الذي أضحى بمقتضاه مجلس الدولة ، دون غيره من جهات القضاء – و في حدود النطاق المتقدم ذكره – هو صاحب الولاية العامة في الفصل في كافة المنازعات الإدارية و قاضيها الطبيعي ، و التي تدخل ضمنها الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب . و لا وجه للاحتجاج في هذا الشأن بأن البند السادس من المادة (10) من القانون الحالي لمجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ، جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهناً بصدور القانون المنظم لكيفية نظر منازعات الضرائب أمام محاكمه ، إذ لم يخص المشرع الدستوري – سواء في ظل دستور سنة 1971 أو الدستور الحالي – نظر تلك المنازعات و الفصل فيها بقواعد إجرائية استلزم صدور قانون بها ، استثناءً من القواعد التي تخضع لها سائر المنازعات الإدارية الأخرى ، التي عهد لمجلس الدولة بالفصل فيها ، كما أن التراخي في سن القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات أمامه إعمالاً للنص المذكور -  والذي طال إهماله من تاريخ العمل بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه في 5/10/1972 – أو تضمين قانون الضريبة تلك القواعد ، لا يعد مبرراً أو مسوغاً لإهدار الاختصاص الذي احتفظ به الدستور لمجلس الدولة ، بل يناقض ما انتهجه المشرع في شأن الضريبة على العقارات المبنية ، إذ نصت المادة (7) من قانون هذه الضريبة الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008 على أن " يختص القضاء الإداري دون غيره بالفصل في المنازعات التي تنِشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون "، كما يتصادم مع الالتزام الدستوري الذي يفرضه نص المادة (75) من الدستور بكفالة حق الحق لكل مواطن في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ، و الذي يقتضي أن يوفر لكل فرد نفاذاً ميسراً إليه ، و إزالة العوائق خاصة الإجرائية منها التي تحول دون حصوله على الترضية القضائية التي يطلبها لمواجهة الإخلال بالحقوق التي يدعيها ، و القول بغير ذلك مؤداه و لازمه استتار المشرع وراء سلطته في هذا الشأن ليصرفها في غير وجهها ، فلا يكون عملها إلا انحرافاً عنها .

و حيث إنه لما كان ذلك ، و كان النصان المطعون فيهما يمثلان إخلالاً باستقلال السلطة القضائية ، و ينتقصان من اختصاص مجلس الدولة ، باعتباره  صاحب الولاية العامة دون غيره بالفصل في كافة المنازعات الإدارية و قاضيها الطبيعي ، بالمخالفة لنصوص المواد ( 74 ، 75 ، 168 ، 174 ) من الدستور الحالي الصادر بتاريخ 25/12/2012 ، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريتهما .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) و نص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 .

أمين السر                                                            رئيس المحكمة
( منشور بالجريدة الرسمية العدد 15 مكرر (ب) في 17 أبريل سنة 2013 )